تتطلب المعالجة الفعالة لقضية المفقودين وجود آليات مختصة (إنسانية، سياسية، قضائية وغير قضائية) على مختلف المستويات (عالميًا وإقليميًا ووطنيًا) تكمِّل بعضها بعضًا لتغطي مجموعة الاحتياجات المتوقعة للأشخاص المفقودين وعائلاتهم ومجتمعاتهم المحلية.
تتعلق المعلومات الواردة في هذه الصفحة بالعمليات أو اللجان أو المؤسسات أو الكيانات المعيَّنة ("الآليات المعنية بالأشخاص المفقودين") التي تُنشأ للبحث عن المفقودين من جرَّاء نزاع مسلح أو حالات عنف أخرى.
يمكن إنشاء الآليات في الأوضاع التي بها نزاعات مسلحة دائرة وحالات عنف أخرى، وفي سياقات ما بعد النزاعات أو حتى بعد انقضاء سنوات على انتهاء نزاع. ويمكن لهذه الآليات أن تكون آليات وطنية أو آليات تنسيق أو آليات أخرى ذات صلة بقضية الأشخاص المفقودين وتكون قائمة في سياق انتقالي مثل، المحاكم الوطنية والدولية والمختلطة، واللجان البرلمانية، واللجان المعنية بحقوق الإنسان، ولجان تقصي الحقائق والمصالحة.
كما يمكن إنشاء آليات تُعنى بقضية المهاجرين المفقودين.
الآليات الوطنية هي جميع المؤسسات واللجان والهيئات والعمليات الوطنية الأخرى التي تُنشئها السلطات المعنية بهدف تقديم إجابات حول مصير الأشخاص المفقودين وأماكن وجودهم لكل حالة على حدة، وضمان انتشال وجمع الرفات عبر التواصل مع مؤسسات الطب الشرعي الوطنية حسب الاقتضاء، فضلًا عن إشراك عائلات الأشخاص المفقودين وتقديم الدعم لها.
وإلى جانب هذا الهدف الإنساني، قد تسعى الآليات إلى تحقيق أهداف أخرى، منها أهداف ترتبط بالمساءلة أو تطبيق أوسع نطاقًا للعدالة الانتقالية، مثل تقصي الحقائق أو التعويضات.
وقد أُنشئت مثل هذه الآليات في بلدان كثيرة، منها الأرجنتين وأرمينيا وأذربيجان والبوسنة والهرسك والبرازيل وشيلي وكولومبيا وكرواتيا والسلفادور وجورجيا وجمهورية إيران الإسلامية والعراق وكوسوفو ولبنان وليبيا والمكسيك وبنما وبيرو وصربيا وجنوب أفريقيا وسري لانكا وأروغواي.
آليات التنسيق هي هيئات أو هياكل أو كيانات متعددة الأطراف أو تدابير أخرى ينفذها طرفان معاديان في نزاع مسلح - غالبًا بدعمٍ من وسيط محايد - لتبادل المعلومات واطلاع أحدهما الآخر على التقدم المحرز في جهود استجلاء مصير الأشخاص المفقودين من كل جانب وأماكن وجودهم وإبلاغ عائلاتهم.
وقد أُنشئت آليات التنسيق هذه لتيسير جهود البحث بين أطراف نزاعات مسلحة متباينة، منها النزاع في البوسنة والهرسك؛ وبين كرواتيا وصربيا؛ وفي قبرص؛ وفي كوسوفو (نزاع عام 1998 - 1999)؛ وحرب الخليج في عام 1991؛ والنزاع المسلح بين إيران والعراق؛ ونزاع عام 1992 - 1993 في أبخازيا؛ ونزاع عام 2008 المسلح في جورجيا.
لجان تقصي الحقائق والمصالحة
برزت هذه اللجان باعتبارها أداة مهمة لتقصي الحقائق ومساعدة المجتمع على تجاوز إرث الماضي وتيسير المصالحة واستعادة سيادة القانون ومكافحة الإفلات من العقاب. ورغم اختلاف ولاياتها وإجراءات عملها، فمن الممكن تعريفها بوجه عامٍ بأنها هيئات لها الخصائص التالية:
1. تركز على الماضي.
2. تحقق في نمط من الاعتداءات/الانتهاكات عبر فترة زمنية، بدلًا من التحقيق في حدث معيَّن أو حالات فردية.
3. هيئات مؤقتة، غالبًا ما تتم عملها بتقديم تقرير.
4. معتمدة أو مفوَّضة أو مدعومة من دولة وأحيانًا من المعارضة المسلحة، إذا كان إنشاؤها منصوصًا عليه في اتفاقية سلام.
المكتب الوطني للاستعلامات هو هيئة منصوص عليها في اتفاقيات جنيف لعام 1949، ويخضع لمسؤولية الدولة. وفي النزاعات المسلحة الدولية، يكمن دوره في الحصول على المعلومات بشأن أسرى الحرب والأشخاص الآخرين المحميين بموجب الاتفاقيات ويقعون تحت سلطة طرف النزاع الذي يتبعه المكتب الوطني للاستعلامات ونقلها عبر الوكالة المركزية للبحث عن المفقودين التابعة للّجنة الدولية للصليب الأحمر.
ونظرًا للمهام المطلوب تأديتها من المكاتب الوطنية للاستعلامات والمعلومات التي عليها جمعها ونقلها إلى أقارب الأشخاص المحميين، فإن هذه المكاتب تضطلع بدورٍ محوري في الكشف عن مصير الأشخاص المحميين الواقعين تحت سيطرة العدو، والحيلولة دون فقدهم وإبلاغ عائلاتهم بمصيرهم وأماكن وجودهم. ويقع على عاتق الدول الالتزام بإنشاء مكتب وطني للاستعلامات بدءًا من نشوب الأعمال العدائية في حالة النزاع المسلح الدولي وفي جميع حالات الاحتلال، كما هو منصوص عليه في اتفاقيات جنيف الثالثة والرابعة لعام 1949. غير أن اتفاقيات جنيف لا تبين بالتفصيل سُبل تنظيم المكتب الوطني للاستعلامات. فالمهم هو أن يتمكن المكتب من تلقي المعلومات ونقلها، ما يتيح تحديد هوية الأشخاص وسرعة إبلاغ العائلات - وأن ينفذ تلك المهمة بفاعلية. وينبغي اتخاذ التدابير الضرورية مثل وضع إجراءات واضحة لإنشاء وعمل المكتب الوطني للاستعلامات في وقت السلم ليتسنى له أن يبدأ العمل في أقرب وقت ممكن عقب نشوب نزاع.
ورغم أنه لا يوجد التزام بإنشاء مكاتب وطنية للاستعلامات في النزاعات المسلحة غير الدولية، فمن الممكن إنشاؤها إذا اعتُبر ذلك مفيدًا في تنفيذ قواعد القانون الدولي الإنساني المنطبقة على سياق بعينه. وبشكلٍ أعم، يمكن كذلك أن تعدّ مهام المكتب الوطني للاستعلامات جزءًا من تأهب الدول، بما يتجاوز حالات النزاع المسلح، وسبيًا للوفاء بالالتزامات المرتبطة بالأشخاص المنفصلين عن ذويهم والمفقودين وجثث الموتى، بصرف النظر عن تصنيف الوضع.