ريثما يعرف أفراد العائلة مصير قريبهم المفقود والكشف عن مكان وجوده يعيشون في حالة من عدم اليقين، فلا يستطيعون رفع الحـداد ولا قطع الأمل من العثور عليه. ويسبب عـدم اليقيـن آثاراً نفسية وعاطفية شديدة. ويؤدي أيضًا إلى صعوبات قانونية وإدارية واجتماعية واقتصادية. وتظل الجراح العميقة التي يسببها الاختفاء تقوّض العلاقات داخل المجتمعات وبين الأشخاص أحيانًا لعدة عقود بعد ذلك.

ويتضمن القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان التزامات تتعلق بقضية الأشخاص المفقودين؛ ويكفل كلاهما حق العائلات في معرفة مصير أقاربها المفقودين وأماكن وجودهم. كما يقضي القانون الدولي الإنساني بوجوب التعامل مع رفات مَن ماتوا في أثناء النزاعات المسلحة بطريقة ملائمة وصون كرامتهم. ويجب على الدول بذل كل جهد ممكن للحيلولة دون دخول الأشخاص في عداد المفقودين وللبحث عن المفقودين والتعامل مع العواقب المترتبة على مثل هذه الأحداث.

الإطار القانوني الدولي المعني بالمفقودين

يشتمل القانون الدولي الإنساني الذي ينطبق في حالات النزاع المسلح على قواعد تستهدف الحيلولة دون دخول الأشخاص في عداد المفقودين من جرَّاء النزاع، والكشف عن مصير المفقودين وأماكن وجودهم وتلبية احتياجات عائلاتهم.

ويقضي القانون الدولي الإنساني على وجه الخصوص بأن تتخذ أطراف النزاع جميع الإجراءات المستطاعة للاستدلال على الأشخاص الذين يُبلغ عن فقدهم نتيجةً لنزاع مسلح، وأن تزود أفراد عائلاتهم بأية معلومات لديها عن مصيرهم. كما يقضي القانون الدولي الإنساني بأن على أطراف النزاع البحث عن جثث الموتى وجمعها وإجلائها وتسجيل جميع البيانات المتاحة قبل تدبير أمر الجثث بهدف تحديد هوية أصحابها. ويقضي كذلك بوجوب التعامل مع رفات مَن ماتوا في أثناء النزاعات المسلحة بطريقة ملائمة وصون كرامتهم. ويجب أن تسعى أطراف النزاع المسلح إلى تسهيل إعادة الرفات البشرية إلى العائلات عند الطلب.

كما يضم القانون الدولي الإنساني التزامات تتعلق بالتحقيق في جرائم الحرب ومقاضاة مرتكبيها، ومنها تلك التي أسفرت عن فُقدان أشخاص أو اختفائهم قسريًا.

ويضم القانون الدولي لحقوق الإنسان قواعد ومعايير تتعلق بالحيلولة دون دخول الأشخاص في عداد المفقودين والكشف عن مصير المفقودين واستجلاء أماكن وجودهم، سواء المفقودين لأسباب تتصل بنزاع مسلح أو عقب الكوارث أو في أثناء الهجرة. كما يضم قواعد تتعلق بالتحقيق في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ومقاضاة مرتكبيها. والاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري لعام 2006 هي أول اتفاقية عالمية تتضمن التزامات محددة للدول الأطراف بشأن منع وحماية الأشخاص من الاختفاء القسري. وفي حالة الإدعاء أو الاشتباه بوقوع اختفاء قسري، يجب أن تتخذ الدول جميع التدابير الملائمة للبحث عن الأشخاص المختفين وتحديد أماكن وجودهم وإخلاء سبيلهم، فضلًا عن التحقيق في حالات الاختفاء القسري وتقديم المسؤولين إلى المحاكمة. وأخيرًا، تتخذ الدول التدابير الملائمة لتتمتع كل ضحية بالحق في معرفة الحقيقة عن ظروف الاختفاء القسري، وسير التحقيق ونتائجه ومصير الشخص المختفي.

وترد القواعد المتصلة بالبحث عن الأشخاص المفقودين وضمان التعامل مع الجثث وصون كرامتهم في نصوص قانونية أخرى. على سبيل المثال، يشمل القانون الدولي لمواجهة الكوارث أحكامًا ومعايير تتعلق بأنشطة الطب الشرعي والتعامل مع الموتى.

ban ki moon icrc

تنفيذ القانون الدولي الإنساني على الصعيد الوطني

من المهم التذكير بأن المسؤولية الأساسية لمعالجة محنة الأشخاص المفقودين وعائلاتهم تقع على عاتق سلطات الدولة. وفي هذا الشأن، يتعين على الدول أن تتخذ وتطبق تدابير على الصعيد الوطني للوفاء بالتزاماتها بموجب القانون الدولي. وتشمل هذه التدابير على سبيل المثال اعتماد أطر قانونية وسياساتية وطنية ملائمة وإنشاء هياكل أو إجراءات أو آليات معنية منسقة تنسيقًا جيدًا.  وذلك لتُعنى بقضايا مثل منع حالات الاختفاء، والبحث عن الأشخاص المفقودين وتحديد هويتهم، والتعامل مع الموتى، واحتياجات عائلات المفقودين وتقديم الدعم لها، وقدرة الآلية على تنفيذ ولايتها. ولا يعدّ التنفيذ على الصعيد الوطني سوى خطوة أولى، إذ إن إنفاذ القوانين والسياسات هو الخطوة التالية اللازمة لضمان تطبيقها الفعال لصالح الأشخاص المفقودين وعائلاتهم.

الموارد المتاحة للدول: قانون نموذجي بشأن المفقودين ودليل للبرلمانيين

صُممت المبادئ توجيهية/القانون النموذجي بشأن المفقودين لمساعدة الدول وسلطاتها الوطنية المختصة على اعتماد تشريعات بشأن الأشخاص المفقودين أو تعزيز تشريعاتها الوطنية القائمة. ويشمل القانون النموذجي المفاهيم الأساسية للقانون في ما يتعلق بحقوق الأشخاص المفقودين وأسرهم، إلى جانب التزام الدولة بضمان هذه الحقوق. وهو مقسم إلى فصول تستعرض الحقوق الأساسية فضلًا عن بعض تدابير الإنفاذ في الأوضاع التي تسبق فقدان الأشخاص وفور الإبلاغ عن فقدهم وفي حالة الاشتباه في الوفاة أو الوفاة الفعلية. ويمكن أن يستخدم برمته أو يستخدم جزء منه، كما يمكن أن يركز وفق الحاجة على منع أو تسوية حالات المفقودين أو على أي جوانب أخرى من القضية.


الأشخاص المفقودون – دليل للبرلمانيين
يتألف هذا الدليل الذي اشترك في وضعه كل من الاتحاد البرلماني الدولي واللجنة الدولية للصليب الأحمر من ثلاثة أجزاء. إذ يحدد الجزء الأول سياق قضية الأشخاص الذين أُبلع عن فقدهم عقب نزاع مسلح أو حالة عنف داخلي، وأثر ذلك على عائلاتهم. أما الجزء الثاني فيركز على الدور الأساسي الذي يمكن للبرلمانيين أن يؤدوه في منع حالات الاختفاء والكشف عن مصير الأشخاص المفقودين وأماكن وجودهم وتقديم المساعدة لعائلاتهم. ثم يحتوي الجزء الثالث على نسخة مشروحة من القانون النموذجي بشأن المفقودين.

الموارد المتاحة للدول: إدماج القانون الدولي الإنساني وطنيًا

في كانــون الأول/ديســمبر 2019، اعتمــد المؤتمــر الــدولي الثالــث والثلاثــون للصليــب الأحمــر والهــلال الأحمــر القــرار 1 (33IC/19/R1) المعنــون "إدماج القانون الدولي الإنساني وطنيًا:خريطــة طريــق لتحســين تنفيــذ القانــون الــدولي الإنســاني عــلى الصعيــد الوطنــي". ويسـتند القـرار إلى الإقـرار المشتـرك عـلى نطـاق واسـع بالحاجـة إلى تحسـين احـترام القانـون الـدولي الإنسـاني مـن أجـل حمايـة ضحايـا النزاعـات المسـلحة، وبـأن تنفيـذ القانـون الـدولي الإنسـاني عـلى الصعيـد الداخلـي هـو خطـوة أساسـية نحــو تحقيــق هــذا الهــدف. ويشــدد القــرار عــلى مســؤولية الــدول في اعتــماد تدابــير وطنيــة قانونيــة وعمليـة مـن أجـل ضـمان الامتثـال التـام لهـذه المجموعـة مـن القوانـين. كما تـؤدي الجمعيـات الوطنيـة للصليـب الأحمـر والهـلال الأحمـر دورًا فريـدًا كهيئـات مسـاعدة للسـلطات العامـة في المجـال الإنسـاني، التـي تضطلـع بنـاءً عليـه بنـشر القانـون الـدولي الإنسـاني ومسـاندة حكوماتهـا في نـشره وتأخـذ مبـادرات في هـذا الصـدد.

تحتوي وثيقة إدماج القانون الدولي الإنساني وطنيًا:المبادئ التوجيهية بشأن تنفيذ القانون الدولي الإنساني على الصعيد الوطني على توجيهـات للـدول والجمعيـات الوطنيـة بشـأن العمـل معـًا مـن أجـل تنفيـذ القـرار عـلى الصعيـد الداخـي.

الموارد المتاحة عبر الإنترنت بشأن القانون الدولي الإنساني

تستضيف اللجنة الدولية للصليب الأحمر مجموعة من قواعد بيانات القانون الدولي الإنساني التي يمكن البحث فيها. وتتضمن قاعدة بيانات المعاهدات والدول الأطراف فيها والتعليقات عليها نصوص معاهدات القانون الدولي الإنساني وما يتصل بها من وثائق، وقوائم الدول التي وقَّعت و/أو صدَّقت على المعاهدات أو انضمت إليها، مع تحفظاتها أو إعلاناتها المحتملة. تتضمن أيضًا التعليقات الحالية التي قدمتها اللجنة الدولية على اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 وبروتوكوليها الإضافيين، وكذلك التعليقات المحدثة حالة توفرها.

تشتمل قاعدة بيانات القانون الدولي الإنساني العرفي على القواعد التي حددتها الدراسة التي أجرتها اللجنة الدولية على القانون الدولي الإنساني العرفي، والممارسات التي تقوم عليها هذه الدراسة. وتُحدَّث قاعدة البيانات هذه بانتظام لإتاحة الممارسات الجديدة للدول في مجال القانون الدولي الإنساني، فضلًا عن المواد الدولية، مثل الأحكام الصادرة عن المحاكم الدولية بأنواعها.

تهدف قاعدة بيانات تنفيذ القانون الدولي الإنساني على الصعيد الوطني إلى مشاركة المعلومات المتعلقة بتدابير التنفيذ على الصعيد الوطني والتي جمعتها وحدة الخدمات الاستشارية في مجال القانون الدولي الإنساني التابعة للّجنة الدولية للصليب الأحمر. وتحتوي قاعدة البيانات على القوانين والسوابق القضائية التي تنفذ المعاهدات المتعلقة بالقانون الدولي الإنساني وغير ذلك من الصكوك الدولية ذات الصلة، وتشرح النُهج المحتملة لإدماج القانون الدولي الإنساني في الأطر القانونية والإدارية الوطنية.

صُمم التطبيق الرقمي للقانون الدولي الإنساني لمستخدمي الأجهزة المحمولة، وهو يتيح سرعة تصفح مراجع القانون الدولي الإنساني لأغراض الممارسات القانونية والمناقشات. ويوفر التطبيق إمكانيات البحث والحفظ والمشاركة لجميع النصوص المُتضمَنة أينما وحيثما كنت. 

تهدف دورة مقدمة عن القانون الدولي الإنساني، وهي دورة متاحة مجانًا عبر الإنترنت، إلى التعريف بأساسيات القانون الدولي الإنساني. والدورة موجهة في الأساس إلى الممارسين وصانعي السياسات وغيرهم من المهنيين المعنيين بالمجال الإنساني والحريصين على فهم كيف ومتى تنطبق هذه المجموعـة مـن القوانـين ومَن الذين تشملهم بالحماية.

القانون الدولي الإنساني في الميدان

القانون الدولي الإنساني في الميدان: احترام القانون في ميدان المعركة هو مجموعة من دراسات الحالة الواقعية التي توثق حالات الامتثال للقانون الدولي الإنساني في الحرب الحديثة. واستنادًا إلى المعلومات المتاحة علنًا، خضعت هذه الحالات للتقييم على أيدي أكاديميين، بغية تقديم أمثلة على احترام القانون الدولي الإنساني.

تضم دراسات الحالة أمثلة على حالات تم فيها الكشف عن مصير الأشخاص الذين دخلوا في عداد المفقودين في حرب الخليج في 1990-1991، وقرارات المحكمة العليا بشأن حالات الاختفاء القسري في نيبال، والاتفاقيات المعنية بالاستدلال على الأشخاص المفقودين في كولومبيا، وتحديد هوية الأشخاص المفقودين في البوسنة والهرسك.